الانتفاضة الفلسطينية الكبرى في قطاع غزة
۱۹۸۷م- ۱۹۹۳م
انتهاكات صهيونية, وثائق, شهداء, جرحى, معتقلون, مبعدون
تأليف الباحث
عدنان عبد الرحمن أبو عامر
۱٤۲٦هـ - ۲۰۰٥م
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا *
فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ
وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً*"سورة الإسراء٤-٥
الإهداء...
إلى الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله، للنيل من الصهاينة اليهود أعداء الله والإنسانية، ودفاعاً عن دينهم ووطنهم ومقدساتهم.
إلى الذين يمضون زهرة حياتهم وشبابهم خلف أسوار السجون والمعتقلات الصهيونية الحاقدة.
إلى أمهات وآباء وأبناء وزوجات الشهداء.
الى قوى المقاومة الفلسطينية الماجدة المجاهدة، التي رفضت الذل والهوان، واختارت المقاومة طريقاً وحيداً لها.
إلى كل المخلصين والمجاهدين والمناضلين والشرفاء في هذه الأمة المجاهدة.
إلى والدي الكريمين وإخواني وأخواتي العزيزات
إلى رفيقة دربي وشريكة مسيرتي, زوجتي الوفية
إلى أحبابي ( محمد, نشوى، غادة، رغد ) الأعزاء
الذين لم يحرموني جميعا من دعائهم الخالص لي بالتوفيق والنجاح
مقدمة المركز -
لا ريب أن الانتفاضة المباركة الأولى التي اندلعت عام ۱۹۸۷م كانت منعطفاً تاريخياً كبيراً في حياة الشعب الفلسطيني، ومفصلاً فارقاً بين مرحلتين زمنيتين، تغلغل اليأس والإحباط وخور الروح المعنوية، والعديد من المظاهر السلبية في ثنايا المرحلة الأولى منهما، فجاءت الانتفاضة الكبرى لتطوي صفحة رديئة في حياة الشعب والأمة، وتبث في وجدان الجماهير روحاً جديدة، أحيتها بعد خمود، وأيقظتها عقب سبات، ونفضت عنها آثار الماضي الكئيب، وغرست في واقعها جملة من القيم والمبادئ والمفاهيم التي أنارت طريقها، ونقلته إلى حال مغايرة مفعمة بالأمل والإيمان والإدارة والإصرار والثقة بنصر الله.
لذا، لم يكن غريباً أن يعيش الشعب الفلسطيني حياة جديدة، أعادت إليه حيويته ووجوده الذي سلبته مرحلة الاحتلال، وتقبَّل شرائح معينة من الشعب لواقع الهزيمة والانحلال والانصياع للأمر الواقع، دون أي تفكير بالوطن، وحقوقه، وقضاياه، والافتراس التدريجي الذي يتعرض له على يد زبانية الحكم الصهيوني البغيض.
في تلك الفترة، انحسرت المفاهيم والمظاهر والممارسات السلبية بشكل كبير، وتصاعدت نزعة التدين والعودة إلى الإسلام وقيمه السامية، وارتفعت الروح المعنوية، وزاد التلاحم الاجتماعي، وانطلقت مسيرة الجهاد والمقاومة والكفاح بزخم أصيل وعزيمة عالية، وتربعت القضية الفلسطينية على عرش الأجندة السياسية الدولية، وفرضت ذاتها على مختلف الأطراف الفاعلة والمؤثرة دون استثناء.
وبكثير من الموضوعية، يمكن القول أن الإنجازات والمكاسب التي حققتها الانتفاضة الأولى على مختلف الأصعدة والمجالات كانت كبيرة بحجم وثقل التفاعل الجماهيري فلسطينياً وعربياً وإسلامياً معها، وواضحة وضوح أهدافها البيّنة التي بذل الشعب الفلسطيني خيرة أبنائه وفلذات أكباده دفاعاً عنها، قبل أن يجري الالتفاف عليها، وتفصيل اتفاقات بائسة من وراء الكواليس مضادة لها، أسهمت في صياغة واقع جديد، وخلق مناخات جديدة لم تتح استمرارها وبقاء مظاهرها وفعالياتها.
ومع ذلك فإن هذه الانتفاضة، بكل ما تحمله من إنجازات ومكاسب وإيجابيات، لم تحزْ على اهتمام الباحثين والمهتمين، وتقدح فيهم زناد الفحص والتحليل والتوثيق والإيغال في عمق القضايا التي أثرت فيها، بما يؤهل - بالتالي- لتقديم صورة واقعية حقيقية لأحداث وظروف الانتفاضة، ورؤية تحليلية توثيقية شاملة لقضاياها ومفاعيلها ومفاصلها الرئيسية والحيوية.
فالإنتاج الفكري والثقافي والبحثي الذي تناول الانتفاضة الأولى۱۹۸۷م كان شحيحاً، ولا يوائم حجم ومستوى الأثر الذي خلّفته فلسطينياً وعربياً ودولياً، بل إن بعضاً منه قد أخطأ الوجهة والمسار، ولم يحسن التعاطي مع هذه القضية بكل ما تحويه من عمق وشمول.
ومن هنا يأتي هذا الإصدار الذي يقدمه المركز العربي للبحوث والدراسات، ليقدم نبذة عن جهاد الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه ووطنه، ويوثق لمرحلة تاريخية خطيرة ومفصلية في حياة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، ويقدم إضافة نوعية ومتميزة لبعض الإصدارات التي تناولت دور وأثر الانتفاضة في حياة الفلسطينيين، ومستقبل كفاحهم في سبيل تفعيل قضيتهم وتحرير أرضهم وديارهم ومقدساتهم.
إن هذه الدراسة بقدر ما تشكل ضرورة بالغة الإلحاح والأهمية، ونوعاً من الوفاء للانتفاضة الأولى الكبرى۱۹۸۷م وآثارها الواسعة في حياة الفلسطينيين، وتوثيقاً لبعض أحداث وفصول مرحلة ضعف التعاطي معها - دراسة وبحثاً- إلى درجة الغياب التقريبي، فإنها تمثّل دفعة قوية لشعبنا المرابط ومقاومته الراهنة، ورفعاً لشأنه، وتخليداً لذكرى بطولاته وأمجاده، علاوة على كونها حافزاً مهماً على طريق دفع الباحثين والمهتمين لولوج هذا السبيل، وإيلاء الانتفاضة الأولى ما تستحق من عناية ورعاية واهتمام.
إن من أهم موجبات سعينا لإصدار هذه الدراسة، أن انتفاضة الأقصى الراهنة قد وجدت من يفيض في معالجة أمرها في مختلف المجالات، فيما لا تكاد الانتفاضة الأولى – على أهميتها وخطورة دورها ومكانتها ومفصليتها التاريخية- تجد من غيث الباحثين والدارسين والكتاب والمهتمين قطرة إلا من رحم الله.
إنها دعوة صادقة نطلقها لكل المعنيين والباحثين، أن لا يظلموا الانتفاضة الأولى ويغمطوها حقها، ويتجاوزوا عن أحداثها وقضاياها، وأن يبادروا إلى تقليب شأنها وتدوين وتحليل منجزاتها، فلا خير في المرء إن تنكب درب تاريخه، أو أدار ظهره له، وتركه نهباً للتقادم والنسيان.
وإن كان لنا من كلمة ثناء وتقدير، فإننا لا نملك إلا أن نسدي بها للباحث الأستاذ عدنان أبو عامر، الذي خاض هذا الغمار، واستشعر – بفكره وثقافته وحدسه الوطني- ما تمثّله الانتفاضة الأولى عام ۱۹۸۷م من أهمية، وما أفرزته من نتائج وتداعيات كان لها بالغ الأثر على مسار الأحداث، ومفاعيل القضية الفلسطينية برمتها، مما استدعى من المركز العربي تفاعلا مع هذا الجهد الطيب الهام، الذي ينسجم مع الجهود الكبيرة التي يضطلع بها المركز في سبيل تأريخ أحداث القضية الفلسطينية الحديثة.
والله نسأل أن يوفق الجميع لما فيه خير شعبهم ومصلحة قضيتهم، وأن ييسر لهم سبل التوفيق والنجاح.
المركز العربي للبحوث والدراسات
غزة - فلسطين
۱٤۲٦هـ - ۲۰۰٥م
مقدمة الباحث... منذ اليوم الأول لاحتلال قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي إثر حرب الخامس من حزيران لعام ۱۹٦۷ ، ضربت هذه القوات بممارساتها كل القيم الإنسانية عرض الحائط ، ولم تعر المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان أدنى اهتمام ، رغم مزاعم إسرائيل بأنها امتداد للحضارة الغربية التي نادت باحترام حقوق الإنسان والحفاظ على كرامته وإنسانيته .
... وكان هذا التوجه من قبل قوات الاحتلال متسقا مع طبيعة الأيديولوجية الصهيونية ، التي لازمت نشأة الدولة الإسرائيلية منذ نشأتها قبل أكثر من نصف قرن ، وبالتالي فقد توارثها قادة الاحتلال عن الآباء المؤسسين للدولة ، لتترجم إلى قوانين تخنق الشعب الفلسطيني ، وتشنق حريات مواطنيه ، وتقلب حياتهم إلى جحيم لا يطاق ، تمثل بصورة فجة في سنوات الانتفاضة بين عامي ۱۹۸۷-۱۹۹۳ .
... فمع نهاية عام ۱۹۸۷ ، وتحديدا في الثامن من ديسمبر ، حيث اندلعت الانتفاضة ، كان الاحتلال الإسرائيلي قد دخل عقده الثالث ، في ظل إهمال كامل للمعايير الدولية والمحلية لحقوق الإنسان ، وبحلول الانتفاضة ، أثبتت إسرائيل – بكل جدارة- أنها قادرة على الاستمرار في نفس التحدي لتلك القوانين والتشريعات والمواثيق .
... وقد واصل جيش الاحتلال تصديه للانتفاضة الشعبية في الأراضي المحتلة ، وعلى رأسها قطاع غزة ، ولكنه عبثا كان يحاول إخمادها ، حيث بدأت الصعوبات تبرز في مواجهة قمع الانتفاضة ، حين فوجئ ذلك الجيش بحجم الانتفاضة وأبعادها وأهدافها ، لأنه تعامل معها في البداية كحوادث خرق نظام ، على أمل إنهائها والقضاء عليها خلال فترة زمنية قصيرة ، وجاءت مراهنة قادة الجيش فاشلة في عدم قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود ، ولعل ذلك ما جعله يذيق السكان أبشع وأقسى أشكال الانتهاكات والممارسات ، كالقتل والتعذيب والاعتقال والإبعاد وغيرها .
مسوغات البحث ومبرراته:
... تعكس القضية الفلسطينية أو ما اصطلح على تسميته بالصراع العربي الإسرائيلي ، جوانب مختلفة لحدث تاريخي معقد ، يتضمن آليات وتسلسلات ونتائج يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عالمية عامة وخطيرة للغاية :
فللقضية الفلسطينية جانب سياسي يتمثل في تدخل قوى إقليمية ودولية ، إضافة إلى أحزاب سياسية ، ومؤسسات غير حكومية ومثقفين ، وهي في مجموعها مواقف تتعلق بالمسائل التي تتعلق بطبيعة الصراع وأطرافه الرئيسة .
وللقضية الفلسطينية جانب استراتيجي يتعلق بمصالح الدول العظمى ، وخاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما لمنطقة الوطن العربي من أهمية اقتصادية وجيو استراتيجية ، الأمر الذي يفسر اهتمام الدول العظمى وتدخلها المباشر وعلى نحو دائم في المنطقة ، من أجل وضع اليد والإطباق على منابع ثروات المنطقة ومواردها .
وللقضية الفلسطينية جانب عسكري يتمثل في المقدار الهائل من الأسلحة المتطورة التي سلمت أو بيعت أو قدمت هبة لدول الشرق الأوسط وخاصة إسرائيل ، من أجل السيطرة على المنطقة والحفاظ على مناخ تسوده الحروب ، وهذا ما يدل عليه توالي الحروب الإقليمية التي اندلعت في المنطقة : ۱۹٤۸ ، ۱۹٥٦ ، ۱۹٦۷ ، ۱۹۷۳ ، ۱۹۸۲ ، ۱۹۹۱ ، ۲۰۰۳ .
وأخيرا، فهناك جانب لا تقل أهميته عن الجوانب الآنفة الذكر ، وهو الجانب الإنساني الذي يمس الأخلاقيات الدولية وحقوق الإنسان ، ذلك أن المشكلة قبل كل شيء ، مشكلة شعب مضطهد تم طرده من أرضه ووطنه ، وأخضع لكافة أنواع الإهانات والمذابح والتشريد .
ومن البديهي أن هذه الجوانب المختلفة متشابكة ومتداخلة ... ولذلك فمن الخطأ أن نعتمد على جانب دون آخر لكي نفسر هذا الصراع وتعقيداته .
... ومع ذلك فإن الدراسة ستركز على الجانب الإنساني للقضية ، للأسباب التالية :
لأن قضية فلسطين تمتلك طابعا خاصا في سجل انتهاكات حقوق الإنسان ، فالأمر لا يقتصر – كما هو في معظم دول العالم - على مجرد انتهاك تعسفي للحرية ، أو على الحرمان من الحق في التنقل .... إلخ ، بل إنه أمر يتعلق بأيديولوجية محكمة ، وبممارسات تمس حق الوجود للسكان الأصليين على أرضهم .
إن انتهاك إسرائيل لحقوق الفلسطينيين وبمساندة تامة من قبل المعسكر الغربي ، لم يؤد فقط إلى انتهاك السيادة الوطنية للشعب الفلسطيني ، بل أدى أيضا إلى محاولة القضاء على وجود الشعب نفسه ، وكانت النتيجة أن الشعب الفلسطيني قد تحمل – وما يزال- كافة أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان ، والاعتداءات على نحو مستمر .
أهمية الدراسة :
... تكتسب الدراسة أهميتها من العناصر التالية :
تبرز أهمية الموضوع في إظهار الصورة الوحشية للممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة ، خلال فترة الدراسة ، وخاصة في ضوء عمليات القتل والاغتيال ، وسياسة الاعتقالات والإبعاد خارج الأرض المحتلة .
تنبع أهمية الدراسة في كشف زيف الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة ، التي تتشدق يوما بعد يوم بأنها واحة الديمقراطية وسط غابة الديكتاتوريات العربية ، ليتبين للقارئ الوجه الحقيقي لهذه الديمقراطية .
تنبع أهمية الدراسة من أنها تصف وتحدد الوسائل التي اتبعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ، خلال سنوات الانتفاضة بين العامي ۱۹۸۷-۱۹۹۳ ، لقمع الفلسطينيين وإرهابهم ، وإنكار حقوق الإنسان عليهم .
تنبع أهمية الدراسة من أن سرد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية ، تضع القارئ في الصورة السياسية والاقتصادية والثقافية لقطاع غزة .
أهداف الدراسة :
... تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية :
تهدف الدارسة إلى رسم صورة السياسة الإسرائيلية في قطاع غزة خلال فترة الانتفاضة ، وآثارها على السكان الغزيين في مختلف الجوانب : السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
تعلن الدراسة بما لا يدع مجالا للشك ، مخالفة إسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيين وممتلكاتهم ، رغم توقيعها على هذه الاتفاقية .
تكشف الدراسة عن مدى أزمة جيش الاحتلال الإسرائيلي في سعيه لصون سيطرته على الأراضي المحتلة ومنها قطاع غزة ، حيث كانت سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين الذين تحكمهم قد دخلت مرحلة التأزم ، رغم أنها ظلت على ثقة واهية بقدرتها على استعادة تشكيل السلوك السياسي لمن تتحكم في رقابهم ، بحسب ما تمليه حاجتها .
توضح الدراسة وجهة السيناريوهات التي كانت تعدها سلطات الاحتلال لمواجهة زخم الانتفاضة المتصاعد يوما بعد يوم ، وخاصة ما تعلق منها بتشديد القبضة الحديدية من جهة ، وزيادة تكاليف المقاومة على الفلسطينيين من جهة أخرى ، سواء من حيث سلامتهم الشخصية ، أو من حيث نوعية الحياة التي يحيونها .
تهدف الدراسة في استعراضها لمختلف أشكال الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية في قطاع غزة ، إلى إظهار مدى الخطر الذي شكلته الانتفاضة على إسرائيل ، حيث اعتقد قادتها أن التهديد الذي طرحته الانتفاضة يتجاوز إلى ما هو أكثر من مجرد مستقبل الأراضي المحتلة ، بل يشكل خطرا على وجود السيادة اليهودية .
تبين الدراسة الفشل الذريع الذي منيت به الإجراءات الإسرائيلية لقمع الانتفاضة ، سواء ما تعلق بسياسة حظر التجوال ، والاعتقال ، والغاز المسيل للدموع ، والذخيرة الحية وغيرها.
منهج الدراسة :
... ستقوم الدراسة باتباع المنهج التاريخي بشقيه الوصفي والتحليلي في البحث ، من خلال الاستعانة بما صدر من توثيق ليوميات الانتفاضة ، وما صدر عن القوى السياسية المشاركة فيها من وثائق وبيانات ، فضلا عن إفادات أدلى بها ضحايا الانتهاكات الإسرائيلية ، إضافة إلى البيانات والتقارير الحقوقية التي أصدرتها المنظمات القانونية الدولية والمحلية .
- أسئلة الدراسة :
... تسعى الدراسة للإجابة عن التساؤلات التالية :
ما هي الوسائل التي استخدمتها قوات الاحتلال لقمع المنتفضين الفلسطينيين بقطاع غزة ؟
ما هي أوجه الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في القطاع خلال فترة الانتفاضة ؟
هل نجحت سلطات الاحتلال من خلال انتهاكاتها في قمع الفلسطينيين وإيقاف انتفاضتهم ؟
ما هي خسائر الفلسطينيين جراء تلك الانتهاكات : شهداء ، جرحى ، معتقلون ، مبعدون ؟
ما هي آثار هذه الانتهاكات على الواقع السياسي والاقتصادي والتعليمي لسكان القطاع ؟
- تحديد الإطارين الزماني والمكاني للدراسة :
... تم اختيار الإطار الزماني للدراسة ، التي تبدأ من نهاية العام ۱۹۸۷ ، وهو عام اندلاع الانتفاضة ، التي شكلت أحداثها ووقائعها أوضح صورة وأكثرها جلاء للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المواطنين الفلسطينيين ، وتنتهي الدراسة مع نهاية العام ۱۹۹۳ ، وهو العام الذي انتهت فيه الانتفاضة بشكل عملي ، وإن لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية رغم الاتفاقيات السياسية الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية ، وأبرزها كان اتفاق أوسلو الذي وقع بتاريخ ۱۳/سبتمبر/۱۹۹۳ .
أما عن الإطار المكاني ، فإن الدراسة تقتصر على دراسة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق السكان الفلسطينيين في منطقة قطاع غزة فقط ، للأسباب التالية :
لم يأخذ قطاع غزة نصيبه الحقيقي من الدراسات التاريخية والعلمية ، بخلاف الضفة الغربية، التي ارتبطت بمدينة القدس ، الأمر الذي جعل المعلومات والأخبار الأساسية المتعلقة بها متاحة أكثر من تلك المتعلقة بالقطاع .
خلال فترة الدراسة ۱۹۸۷-۱۹۹۳ ، مثل قطاع غزة منطقة جغرافية شبه معزولة عن العالم الخارجي ، ومن هنا فقد كانت إمكانية الاتصال به ، أو الحضور إليه في تلك الفترة صعبة جدا ، لذلك كان حجم الاهتمام به أقل بكثير مما حظيت به باقي الأراضي المحتلة .
شكل قطاع غزة أرضية خصبة لممارسة مختلف أشكال الانتهاكات الإسرائيلية ، ذلك أنه كان المهد الحقيقي لانتفاضة العام ۱۹۸۷ .
- محتويات الدراسة:
... ضمت الدراسة خمسة فصول، إضافة إلى فصل تمهيدي تناولت المواضيع التالية:
حيث تناول الفصل التمهيدي الحديث عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، واستعراض الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية من خلال ممارساتها على الأرض ضد الفلسطينيين .
ثم تناول الفصل الأول الذي جاء تحت عنوان قطاع غزة من الاحتلال إلى الانتفاضة ، فقد تحدث المبحث الأول عن الاحتلال الإسرائيلي وآثاره على قطاع غزة من حيث : اللمحة الجغرافية والتاريخية لقطاع غزة ، والآثار المترتبة على احتلال القطاع في العام ۱۹٦۷ ، إضافة إلى المشاكل التي عانى منها القطاع نتيجة سياسة الاحتلال الإسرائيلي .
وجاء المبحث الثاني ليتناول الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة قبل الانتفاضة، من حيث تناول قضية انتهاك حقوق الإنسان في الفكر الصهيوني، وانطلاق حملة الانتهاكات فور احتلال القطاع ، بالإضافة إلى استعراض أبرز أشكال الانتهاكات ضد الفلسطينيين .
وقد جاء المبحث الثالث متناولا انطلاق الانتفاضة في الأراضي المحتلة عام ۱۹۸۷ ، حيث استعرض أسباب الانتفاضة ، وسماتها وأهدافها ، بالإضافة إلى الموقف الإسرائيلي من الانتفاضة .
وجاء الفصل الثاني تحت عنوان : الانتهاكات الإسرائيلية للحق في الحياة ، حيث تناول المبحث الأول سياسة القتل المتعمد ضد الفلسطينيين ، من حيث إطلاق النار بهدف القتل المباشر ، وانتهاج سياسة الاغتيالات عبر الوحدات الخاصة ، وإطلاق النار بهدف الإصابة وشل الحركة .